التكوين المستمر لهيئة التوجيه التربوي الدواعي و الانتظارات
صفحة 1 من اصل 1
التكوين المستمر لهيئة التوجيه التربوي الدواعي و الانتظارات
عرف حقل الاستشارة والتوجيه التربوي في السنوات الأخيرة عدة مراجعات، كان الهدف منها تطوير وإغناء العدة المفاهيمة لهذا الحقل المعرفي الدينامي من جهة، ومن جهة ثانية، تصويب الممارسة وفق نظرة استراتيجية تروم الفعالية والنجاعة و تتغيى التبصر والانسجام في تنزيل هذا العتاد المعرفي على أرض الواقع.
وإذا كانت هذه المراجعات تأتي في سياق عالمي مطبوع بظاهرة العولمة، هذه الظاهرة التي بدأت تحول العالم إلى قرية صغيرة، تلاشت فيها الحواجز بداخل المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ... وانهارت فيها الحدود الزمانية والمكانية للعمل والتربية والتعلم، وبدأت تؤسس لانقلاب في أنماط العمل وأنواع المهن وأشكال التكوين. فإن السياق الوطني المغربي بدوره، يدفع في اتجاه إحدات هذه المراجعات نتيجة مجموعة من العوامل لعل أهمها ما يلي:
- الانتباه المتزايد لدور أنظمة التوجيه في تسهيل الانتقال بين أنظمة التربية والتكوين والشغل، وتحقيق الانسجام والتفاعل الإيجابي بين هذه الأنظمة ، وذلك من خلال تحقيق المواءمة بين مطالب الأفراد وحاجيات ومخططات المجتمع، تجسيدا لشعار "الرجل المناسب في المكان المناسب" وفق مرجعية تعتمد الكفاءة والاستحقاق؛
- الابتعاد شيئا فشيئا عن النظرة الاقتصادوية للتعليم ذات النزعة التمهينية التي ترفع شعار "ملاءمة التعليم مع حاجيات سوق الشغل"، وتعويضها بمنظور يروم الإعداد المتكامل للفرد وذلك من خلال تفعيل الغايات الأربع للتعليم المتجسدة في المعرفة والعمل والعيش مع الآخر وتحقيق الذات؛
- إعادة الاعتبار للمؤسسة التعليمية من خلال ربطها بمحيطها العام بجميع أبعاده، ودفعها للخروج من مساحة التنفيذ والدخول في مسارات التجديد والإبداع واتخاذ القرار، استعدادا لاستنبات ثقافة التدبير المستقل المأمول؛
- الانتقال من مقاربة الإعلام والتوجيه إلى مقاربة الاستشارة والتوجيه، وهو انتقال ليس فقط في المفاهيم ولكنه تحول عميق في مناهج التفكير وأساليب الممارسة واستراتيجيات الفعل؛
- ممارسة عمل القرب من خلال مقاربة تربوية ترى في منظومة الاستشارة والتوجيه جزء لا يتجزأ من سيرورات التربية والتكوين، مما يفرض دمج خدمات الاستشارة والتوجيه في مختلف ميكانيزمات اشتغال المؤسسة التعليمية، وفي الحياة المدرسية بمفهومها العام؛
- الانتقال من التدخلات الفردانية إلى التدخلات الجماعية؛ وهو انتقال بدأ يفرض وبإلحاح شديد امتلاك آليات العمل الجماعي، وما تتطلبه من توظيف مبدع لمختلف التقنيات الإعلامية والاستراتيجيات التواصلية المتنوعة؛
- بروز مقاربات حديثة في مجال الاستشارة والتوجيه، تتجسد أساسا في المدرسة التمهينية والمدرسة المواطنة والمدرسة الموجهة، حيث لم تعد تتساءل هده المقاربات عن "ماذا سنعمل بالتلميذ؟" ولكن ، وهذا هو المهم، "كيف نساعد هذا التلميذ ليجد طريقة ومنهجية لبلورة مشروعه الشخصي" بأبعاده المدرسية والمهنية والحياتية.
وعليه، وبناءا على ما سبق من معطيات عالمية ووطنية، واستحضارا لتوجهات ومبادئ "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، الذي جعل من غاياته الكبرى التأسيس لمدرسة مغربية جديدة، تليق بمغرب القرن 21 ، وجديرة بثقة المجتمع المغربي. فإننا نرى بضرورة مسائلة نسق التوجيه التربوي صورا وأهدافا وبنيات وهياكل خدماتية وتأطيرية وإدارية. وما دمنا اعتمدنا المقترب النسقي في التعاطي مع نظام التوجيه ، فنود أن نؤكد على أن نسق خدمات الاستشارة والتوجيه يأخذ، في منظورنا ثلاث صور أساسية:
- صورة نظريةImage théorique ، تبرز من خلال مختلف الأدبيات والنظريات والمقاربات والنماذج، والتي ينبغي تحيينها وتطويرها بغية الانسجام مع التحولات الوطنية والعالمية والاستجابة للحاجيات الجديدة والانتظارات المستجدة؛
- صورة واقعية Image réelle، كما هي كائنة في الواقع ببنياتها وهياكلها وممارساتها الميدانية بنجاحاتها وإخفاقاتها؛ والتي أضحت عملية تقويمها مطلبا ملحا وضروريا، قصد تصحيح التعثرات وتطوير وإبراز النجاحات والمكتسبات؛ وتأسيس عملية الترقية المهنية على مبدأ الميريطوقراطية؛
- صورة نفسية اجتماعيةImage psycho-sociale ، كما يراها ويتمثلها الفاعلون في التوجيه التربوي انطلاقا من قناعاتهم وتكوينهم وانتظاراتهم ومصالحهم. والتي أضحت تتطلب مجهودا وتعبئة شاملة قصد تخليصها من عناصر الجمود والاستسلام والممارسة الجامدة المهددة لكل إقلاع ومبادرة تجديدية لمنظومة التوجيه.
وإذا كان لكل هذه الصور والمكونات أهميتها ومركزيتها في قيادة التغيير المخطط داخل المؤسسات التعليمية، فإننا ارتأينا في هذه الورقة التركيز على جزء أساسي من هذا النسق متمثلا في نظام التكوين المستمر لهيئة التوجيه التربوي، وذلك بهدف الكشف عن أفضل الأساليب وأنجع الاستراتيجيات الكفيلة بتقليص الفارق بين الكفايات المهنية المنتظرة والمأمولة في إطار الإصلاح المنشود، وتلك المتجسدة على أرض الواقع.
ومن هنا، وقبل تحديد مجالات ومحاور التدخل للتكوين المستمر لهيئة التوجيه التربوي، لابد من التذكير بوظائف هيئة التوجيه التربوي، و التي يمكن اختزالها في ثلاث وظائف أساسية:
- وظيفة نمائية fonction développementale: تتجسد في المساهمة في تطوير وإغناء معارف وقدرات وكفايات التلميذ المساعدة على التموقع والتحيين والتكيف واتخاد مختلف القرارات باستقلالية ومسؤولية؛
- وظيفة وقائية fonction préventive : تتجلى من خلال مساعدة التلميذ على تجنب المشاكل والصعوبات التي تعترضه، وربطه بمختلف الأنساق التي يمكن أن تمده بالخدمات والمساعدات والموارد؛
- وظيفة علاجية fonction curative : تتمثل في تحليل ومعالجة الظواهر والمشاكل التربوية والاجتماعية التي تعوق المسار الدراسي للتلميذ، وتحد في نفس الوقت من المردودية الداخلية والخارجية للمؤسسة التعليمية؛
وتفرض هذه الوظائف أدوارا جديدة ، والتي من دونها يسود الارتباك في أداءات هيئة التوجيه التربوي، وتتنامى نتيجة لذلك مظاهر السلبية ، التي يصبح صداها يتردد على أكثر من صعيد. وتضع هذه الأدوار، الفاعل في خدمة الاستشارة والتوجيه، في مسار عمليات الاتصالات المتعددة، من أجل إيجاد التسويات والتوافقات الممكنة. وعليه، يصبح لديه مجموعة من الأدوار:
- دور الوساطة rôle de médiation: كدور يؤمن الوصل بين التلاميذ والمصادر الأخرى في المجتمع، والهدف الأول لهذا الدور هو توجيه التلاميذ نحو الخدمات التي توفرها البيئة الاجتماعية والاقتصادية والتكوينية للاستفادة من عناصرها المتنوعة؛
- دور المصاحبةrôle d'accompagnement : من خلال مساعدة التلاميذ على اكتشاف أهم ما لديهم من إمكانات وقوى إيجابية قصد استخدامها في التعامل الايجابي مع بيئتهم المتحولة والمتغيرة لإحراز التغيير والنمو المنشود؛
- دور الدفاع rôle de défense : من خلال التحدث باسم التلاميذ وعرض ومناقشة وشرح أفكارهم والنضال والتفاوض من أجلها كلما دعت الضرورة لذلك؛
دور الخبرةrôle d'expertise : يعد الفاعل في مجال الاستشارة والتوجيه خبيرا بمبادئ وأسس الاستشارة التربوية والنفسية والتقنية، وعليه يجب أن يكون ملما سواء بإعداد هذه الاستشارة أوتنفيذها أو تقويمها؛
- دور التعاون rôle de collaboration : وذلك من خلال المساهمة في إطار مسعى تعاوني مع مختلف الشركاء الداخليين والخارجيين للمؤسسة في ضمان وتجسيد حق التلميذ في بناء وبلورة مشروعه الشخصي، بالإضافة إلى التعاون بإيجابية في مختلف المجالات التي تقتضي العمل الجماعي بصيغه المتنوعة من مجالس ولجن وفرق وآليات...
تأسيسا على ما سبق، نخلص، إلى ضرورة الاستعجال في بلورة برامج وطنية و جهوية للتكوين المستمر مستجيبة لهذه الأدوار والوظائف ومستحضرة في نفس الوقت للمرجعيات والمعايير العلمية في هذا المضمار والتي نحصرها في المحاور التالية:
الانطلاق من تشخيص علمي ودقيق لحاجيات وانتظارات هيئة التوجيه التربوي؛
توفير المكونين الأكفاء الذين خبروا بما فيه الكفاية مجال الاستشارة والتوجيه؛
تدبير عقلاني وشفاف لما يخصص للتكوينات من إمكانات واعتمادات ووسائل؛
ملاءمة التكوينات مع وظائف وأدوار وهوية هيئة التوجيه التربوي؛
اعتماد مبدأ التوازن والتكامل بين مجالي الاستشارة و التوجيه؛
إعمال منطق الأولويات والمرونة و استحضار الزمن كعنصر استراتيجي في بلورة الكفايات المهنية؛
تقييم سيرورة التكوينات قصد تصحيح الاختلالات وتعزيز المكتسبات؛
التأكد من الانعكاسات الإيجابية لبرامج التكوين على فكر وممارسة هيئة التوجيه التربوي.
وأخيرا إذا كان كل تعديل وتطوير سواء كان جزئيا أو كليا في نسق التوجيه يحتم بالضرورة مراجعة شاملة لأشكال وأساليب التكوين بشقيه الأساسي والمستمر، فإن تناول موضوع التكوين المستمر في هذا الظرف بالذات يأتي دون شك استجابة لحاجيات وانتظارات الفاعلين في مجالي الاستشارة والتوجيه وإلى التحديات الجديدة والمستجدة التي تواجهها منظومتنا التربوية.
هذا وإن تناول هذه الورقة لبعض المفاهيم التي نعتبرها مركزية في موضوع التكوين المستمر كان الغرض منه التأكيد على ضرورة إحداث قطيعة نهائية مع الصيغ والأساليب التقليدية لبلورة برامج ومناهج تكوينية عن طريق تبني مقاربات علمية وعقلانية ضمانا للنجاعة والفعالية المطلوبة.
وإذا كانت هذه المراجعات تأتي في سياق عالمي مطبوع بظاهرة العولمة، هذه الظاهرة التي بدأت تحول العالم إلى قرية صغيرة، تلاشت فيها الحواجز بداخل المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ... وانهارت فيها الحدود الزمانية والمكانية للعمل والتربية والتعلم، وبدأت تؤسس لانقلاب في أنماط العمل وأنواع المهن وأشكال التكوين. فإن السياق الوطني المغربي بدوره، يدفع في اتجاه إحدات هذه المراجعات نتيجة مجموعة من العوامل لعل أهمها ما يلي:
- الانتباه المتزايد لدور أنظمة التوجيه في تسهيل الانتقال بين أنظمة التربية والتكوين والشغل، وتحقيق الانسجام والتفاعل الإيجابي بين هذه الأنظمة ، وذلك من خلال تحقيق المواءمة بين مطالب الأفراد وحاجيات ومخططات المجتمع، تجسيدا لشعار "الرجل المناسب في المكان المناسب" وفق مرجعية تعتمد الكفاءة والاستحقاق؛
- الابتعاد شيئا فشيئا عن النظرة الاقتصادوية للتعليم ذات النزعة التمهينية التي ترفع شعار "ملاءمة التعليم مع حاجيات سوق الشغل"، وتعويضها بمنظور يروم الإعداد المتكامل للفرد وذلك من خلال تفعيل الغايات الأربع للتعليم المتجسدة في المعرفة والعمل والعيش مع الآخر وتحقيق الذات؛
- إعادة الاعتبار للمؤسسة التعليمية من خلال ربطها بمحيطها العام بجميع أبعاده، ودفعها للخروج من مساحة التنفيذ والدخول في مسارات التجديد والإبداع واتخاذ القرار، استعدادا لاستنبات ثقافة التدبير المستقل المأمول؛
- الانتقال من مقاربة الإعلام والتوجيه إلى مقاربة الاستشارة والتوجيه، وهو انتقال ليس فقط في المفاهيم ولكنه تحول عميق في مناهج التفكير وأساليب الممارسة واستراتيجيات الفعل؛
- ممارسة عمل القرب من خلال مقاربة تربوية ترى في منظومة الاستشارة والتوجيه جزء لا يتجزأ من سيرورات التربية والتكوين، مما يفرض دمج خدمات الاستشارة والتوجيه في مختلف ميكانيزمات اشتغال المؤسسة التعليمية، وفي الحياة المدرسية بمفهومها العام؛
- الانتقال من التدخلات الفردانية إلى التدخلات الجماعية؛ وهو انتقال بدأ يفرض وبإلحاح شديد امتلاك آليات العمل الجماعي، وما تتطلبه من توظيف مبدع لمختلف التقنيات الإعلامية والاستراتيجيات التواصلية المتنوعة؛
- بروز مقاربات حديثة في مجال الاستشارة والتوجيه، تتجسد أساسا في المدرسة التمهينية والمدرسة المواطنة والمدرسة الموجهة، حيث لم تعد تتساءل هده المقاربات عن "ماذا سنعمل بالتلميذ؟" ولكن ، وهذا هو المهم، "كيف نساعد هذا التلميذ ليجد طريقة ومنهجية لبلورة مشروعه الشخصي" بأبعاده المدرسية والمهنية والحياتية.
وعليه، وبناءا على ما سبق من معطيات عالمية ووطنية، واستحضارا لتوجهات ومبادئ "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، الذي جعل من غاياته الكبرى التأسيس لمدرسة مغربية جديدة، تليق بمغرب القرن 21 ، وجديرة بثقة المجتمع المغربي. فإننا نرى بضرورة مسائلة نسق التوجيه التربوي صورا وأهدافا وبنيات وهياكل خدماتية وتأطيرية وإدارية. وما دمنا اعتمدنا المقترب النسقي في التعاطي مع نظام التوجيه ، فنود أن نؤكد على أن نسق خدمات الاستشارة والتوجيه يأخذ، في منظورنا ثلاث صور أساسية:
- صورة نظريةImage théorique ، تبرز من خلال مختلف الأدبيات والنظريات والمقاربات والنماذج، والتي ينبغي تحيينها وتطويرها بغية الانسجام مع التحولات الوطنية والعالمية والاستجابة للحاجيات الجديدة والانتظارات المستجدة؛
- صورة واقعية Image réelle، كما هي كائنة في الواقع ببنياتها وهياكلها وممارساتها الميدانية بنجاحاتها وإخفاقاتها؛ والتي أضحت عملية تقويمها مطلبا ملحا وضروريا، قصد تصحيح التعثرات وتطوير وإبراز النجاحات والمكتسبات؛ وتأسيس عملية الترقية المهنية على مبدأ الميريطوقراطية؛
- صورة نفسية اجتماعيةImage psycho-sociale ، كما يراها ويتمثلها الفاعلون في التوجيه التربوي انطلاقا من قناعاتهم وتكوينهم وانتظاراتهم ومصالحهم. والتي أضحت تتطلب مجهودا وتعبئة شاملة قصد تخليصها من عناصر الجمود والاستسلام والممارسة الجامدة المهددة لكل إقلاع ومبادرة تجديدية لمنظومة التوجيه.
وإذا كان لكل هذه الصور والمكونات أهميتها ومركزيتها في قيادة التغيير المخطط داخل المؤسسات التعليمية، فإننا ارتأينا في هذه الورقة التركيز على جزء أساسي من هذا النسق متمثلا في نظام التكوين المستمر لهيئة التوجيه التربوي، وذلك بهدف الكشف عن أفضل الأساليب وأنجع الاستراتيجيات الكفيلة بتقليص الفارق بين الكفايات المهنية المنتظرة والمأمولة في إطار الإصلاح المنشود، وتلك المتجسدة على أرض الواقع.
ومن هنا، وقبل تحديد مجالات ومحاور التدخل للتكوين المستمر لهيئة التوجيه التربوي، لابد من التذكير بوظائف هيئة التوجيه التربوي، و التي يمكن اختزالها في ثلاث وظائف أساسية:
- وظيفة نمائية fonction développementale: تتجسد في المساهمة في تطوير وإغناء معارف وقدرات وكفايات التلميذ المساعدة على التموقع والتحيين والتكيف واتخاد مختلف القرارات باستقلالية ومسؤولية؛
- وظيفة وقائية fonction préventive : تتجلى من خلال مساعدة التلميذ على تجنب المشاكل والصعوبات التي تعترضه، وربطه بمختلف الأنساق التي يمكن أن تمده بالخدمات والمساعدات والموارد؛
- وظيفة علاجية fonction curative : تتمثل في تحليل ومعالجة الظواهر والمشاكل التربوية والاجتماعية التي تعوق المسار الدراسي للتلميذ، وتحد في نفس الوقت من المردودية الداخلية والخارجية للمؤسسة التعليمية؛
وتفرض هذه الوظائف أدوارا جديدة ، والتي من دونها يسود الارتباك في أداءات هيئة التوجيه التربوي، وتتنامى نتيجة لذلك مظاهر السلبية ، التي يصبح صداها يتردد على أكثر من صعيد. وتضع هذه الأدوار، الفاعل في خدمة الاستشارة والتوجيه، في مسار عمليات الاتصالات المتعددة، من أجل إيجاد التسويات والتوافقات الممكنة. وعليه، يصبح لديه مجموعة من الأدوار:
- دور الوساطة rôle de médiation: كدور يؤمن الوصل بين التلاميذ والمصادر الأخرى في المجتمع، والهدف الأول لهذا الدور هو توجيه التلاميذ نحو الخدمات التي توفرها البيئة الاجتماعية والاقتصادية والتكوينية للاستفادة من عناصرها المتنوعة؛
- دور المصاحبةrôle d'accompagnement : من خلال مساعدة التلاميذ على اكتشاف أهم ما لديهم من إمكانات وقوى إيجابية قصد استخدامها في التعامل الايجابي مع بيئتهم المتحولة والمتغيرة لإحراز التغيير والنمو المنشود؛
- دور الدفاع rôle de défense : من خلال التحدث باسم التلاميذ وعرض ومناقشة وشرح أفكارهم والنضال والتفاوض من أجلها كلما دعت الضرورة لذلك؛
دور الخبرةrôle d'expertise : يعد الفاعل في مجال الاستشارة والتوجيه خبيرا بمبادئ وأسس الاستشارة التربوية والنفسية والتقنية، وعليه يجب أن يكون ملما سواء بإعداد هذه الاستشارة أوتنفيذها أو تقويمها؛
- دور التعاون rôle de collaboration : وذلك من خلال المساهمة في إطار مسعى تعاوني مع مختلف الشركاء الداخليين والخارجيين للمؤسسة في ضمان وتجسيد حق التلميذ في بناء وبلورة مشروعه الشخصي، بالإضافة إلى التعاون بإيجابية في مختلف المجالات التي تقتضي العمل الجماعي بصيغه المتنوعة من مجالس ولجن وفرق وآليات...
تأسيسا على ما سبق، نخلص، إلى ضرورة الاستعجال في بلورة برامج وطنية و جهوية للتكوين المستمر مستجيبة لهذه الأدوار والوظائف ومستحضرة في نفس الوقت للمرجعيات والمعايير العلمية في هذا المضمار والتي نحصرها في المحاور التالية:
الانطلاق من تشخيص علمي ودقيق لحاجيات وانتظارات هيئة التوجيه التربوي؛
توفير المكونين الأكفاء الذين خبروا بما فيه الكفاية مجال الاستشارة والتوجيه؛
تدبير عقلاني وشفاف لما يخصص للتكوينات من إمكانات واعتمادات ووسائل؛
ملاءمة التكوينات مع وظائف وأدوار وهوية هيئة التوجيه التربوي؛
اعتماد مبدأ التوازن والتكامل بين مجالي الاستشارة و التوجيه؛
إعمال منطق الأولويات والمرونة و استحضار الزمن كعنصر استراتيجي في بلورة الكفايات المهنية؛
تقييم سيرورة التكوينات قصد تصحيح الاختلالات وتعزيز المكتسبات؛
التأكد من الانعكاسات الإيجابية لبرامج التكوين على فكر وممارسة هيئة التوجيه التربوي.
وأخيرا إذا كان كل تعديل وتطوير سواء كان جزئيا أو كليا في نسق التوجيه يحتم بالضرورة مراجعة شاملة لأشكال وأساليب التكوين بشقيه الأساسي والمستمر، فإن تناول موضوع التكوين المستمر في هذا الظرف بالذات يأتي دون شك استجابة لحاجيات وانتظارات الفاعلين في مجالي الاستشارة والتوجيه وإلى التحديات الجديدة والمستجدة التي تواجهها منظومتنا التربوية.
هذا وإن تناول هذه الورقة لبعض المفاهيم التي نعتبرها مركزية في موضوع التكوين المستمر كان الغرض منه التأكيد على ضرورة إحداث قطيعة نهائية مع الصيغ والأساليب التقليدية لبلورة برامج ومناهج تكوينية عن طريق تبني مقاربات علمية وعقلانية ضمانا للنجاعة والفعالية المطلوبة.
مواضيع مماثلة
» التكوين المستمر لهيئة التوجيه التربوي الدواعي و الانتظارات
» التوجيه التربوي
» برنامج التكوين المستمر الخاص بمادة التربية البدنية و الرياضية لموسم 2009 massif med
» أي إستراتيجية للتأطير و التكوين ؟
» دور الشباب اعداد محمد مصيف فضاءات للمعرفة و التكوين و التفتح
» التوجيه التربوي
» برنامج التكوين المستمر الخاص بمادة التربية البدنية و الرياضية لموسم 2009 massif med
» أي إستراتيجية للتأطير و التكوين ؟
» دور الشباب اعداد محمد مصيف فضاءات للمعرفة و التكوين و التفتح
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى